رسالة إلى المناضل والمفكر عبدالوهاب المسيري.
محمود سباق
عزيزي الدكتور والمناضل / عبد الوهاب المسيري أكتب إليك في ذكرى رحيلك ، لا لأشكو لك شيئا أو لأبكي عليكَ ، أنا فقط يا عزيزي مكتئب جدا جدا وغاضبٌ من العالم.، العالم الذي تحوَّل إلى كتلة صماء لا تحس ولا تشعر، أكتب إليك حنينا إلى ذكريات لم أصنعها معك ، مع أننا ولدنا في محافظة واحدة وأحببناها الحبّ نفسَه ، حين قرأتُ لك مجموعةً مهمة من أعمالك منذ ما يزيد على سنة ونصف، حدثت لي صدمة كبيرة راجعت فيها نفسي في كثير من القضايا . العلمانية مثلا في ظل مجتمعنا العربي / الدراسة المهمة والعبقرية التي قدمتها في العلمانية تحت المجهر / وكانت نقاش بينك وبين الدكتور عزيز عظمة / ولا أبالغ إن قلتُ إن كلامك كان أقرب إلى العقل والمنطق والحجة من كلام عظمة / إنني أتذكر الآن المناضل / عادل حسين الذي طالما أحببتَه أنت وكنت دليلي إليه ، وأتذكرُ الرسالة التي كتبتها له / أمازلت تقول له جادًّا ومازحًا: الزعيم، إنك لتذكرني بصديقي الشاعر أحمد زكريا / دائما ما كان يمزح معي بهذه الطريقة المحبة والودودة ــ ربما استقبلَكَ صديقُك وزعيمك المفضل ــ عادل حسين ــ أحسنَ استقبال هناك، وربما دارت بينكما مناقشات عديدة، أودُّ لو كنتُ أسمعكما الآن ماذا تقولان فيما يحدث الآن على ساحة الأمة العربية الممزقة بيد جيوشها وحكامها والموزعة على موائد الغرب ، لقد انتهيتُ منذ خمسة أشهر من قراءة كتابك / في الفكر والأدب / لكنني أختلف معك كثيرا يا أبي بخصوص مقالك عن ( وحي الغابة لديفيد ثورو ) وأتفق معك كثيرا فيما طرحته عن مشاكل العلمانية في المجتمع العربي رغم أنني من أبنا / هنا والآن / التي صببت عليها جام غضبك ونقدك . إنني أيها الرفيق ممتن لك جدا .. وأعتذر لك عن هذا الخذلان الذي لحقنا.، وفهمت الآن والآن فقط مقولتك الشهيرة: أنا ماركسي على سنة الله ورسولة. رغم رفضي لها وعدم ثقتي فيها. لكنني في انتظار ما يكشف لي عما لا أعرفه. أقرئ سلامي للرفاق جميعا و لكل من حولك الآن في هذا الصباح . على رأسهم غسان كنفاني/ وخالد الأشعل. واعلم أن فلسطين باقية وشامخة إلى الأبد يا عزيزي.